أسباب سرطان الثدي وعوامل الخطر

أسباب حدوث سرطان الثدي

يُعد سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء في العالم، ويشكل تحديًا كبيرًا في مجال الصحة العامة. على الرغم من التقدم الكبير في العلاج والرعاية الطبية، فإن أسباب حدوث هذا المرض لا تزال موضوعًا معقدًا ومتنوعًا. يعتمد فهم الأسباب على التفاعل بين عدة عوامل وراثية وبيئية ونمط الحياة، والتي قد تؤدي إلى حدوث التغيرات الخلوية التي تتحول إلى سرطان.

العوامل الوراثية

تعد العوامل الوراثية من أبرز العوامل التي قد تساهم في حدوث سرطان الثدي. يُعتقد أن التغيرات الوراثية تلعب دورًا رئيسيًا في زيادة احتمالية الإصابة بالمرض. من أبرز هذه التغيرات هي الطفرات الجينية في جينين يُعرفان باسم BRCA1 وBRCA2، اللذين يرتبطان بشكل كبير بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي. تشير الدراسات إلى أن النساء اللواتي يحملن طفرة في هذه الجينات قد يكن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة من حياتهن.

تعتبر الطفرات الجينية في BRCA1 وBRCA2 مسؤولة عن حوالي 5-10% من حالات سرطان الثدي. إذا كانت المرأة تحمل هذه الطفرات، فإن احتمال إصابتها بالمرض قد يصل إلى 70% أو أكثر. علاوة على ذلك، يمكن أن تنتقل هذه الطفرات من الأبوين إلى الأبناء، ما يعني أن الوراثة تلعب دورًا محوريًا في نشوء المرض.

العوامل الهرمونية

تعتبر الهرمونات الأنثوية مثل الإستروجين والبروجستيرون من العوامل الأساسية التي تساهم في نمو سرطان الثدي. تتأثر خلايا الثدي بشكل كبير بهذه الهرمونات، وتلعب دورًا محوريًا في التحكم في نموها وتطورها. تظهر الدراسات أن النساء اللاتي يتعرضن لمستويات عالية من هذه الهرمونات، سواء بسبب العمر أو استخدام بعض العلاجات الهرمونية، قد يكن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.

على سبيل المثال، النساء اللواتي يبدأ لديهن الحيض في سن مبكرة أو الذين يصلون إلى سن اليأس في وقت متأخر قد يتعرضن لمستويات مرتفعة من الإستروجين لفترة أطول. كما أن استخدام العلاج الهرموني بعد سن اليأس، سواء كان علاجًا هرمونيًا مزدوجًا أو هرمونيًا أحاديًا، قد يرفع من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي.

العوامل البيئية

تتأثر صحة الإنسان بشكل كبير بالعوامل البيئية التي تشمل التلوث الهوائي، والتعرض للمواد الكيميائية السامة، والعوامل الغذائية. قد تؤدي بعض هذه العوامل إلى تحفيز تطور الخلايا السرطانية في الثدي.

أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو التعرض للأشعة. النساء اللواتي خضعن لجلسات إشعاعية في منطقة الصدر خلال طفولتهن أو في سن مبكرة من حياتهن، مثل تلك التي تُجرى لعلاج بعض أنواع السرطان الأخرى، يكن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي لاحقًا.

أما فيما يتعلق بالتلوث البيئي، فقد أظهرت الدراسات أن بعض المواد الكيميائية التي تتواجد في البيئة المحيطة قد تساهم في تحفيز حدوث السرطان. تشمل هذه المواد المبيدات الحشرية، ومواد البلاستيك التي تحتوي على مواد كيميائية مثل البيسفينول A (BPA)، والتي يمكن أن تتفاعل مع الهرمونات في الجسم وتؤدي إلى تغييرات في خلايا الثدي.

العوامل المرتبطة بنمط الحياة

يعتبر نمط الحياة من العوامل التي يمكن تعديلها، وبالتالي فإن بعض الممارسات اليومية قد تساهم في زيادة أو تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي. تركز العديد من الدراسات على تأثير التغذية، الوزن، والنشاط البدني في هذه المسألة.

التغذية والوزن الزائد

النظام الغذائي هو عامل رئيسي في العديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك سرطان الثدي. تشير الأدلة إلى أن تناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة أو الأطعمة الغنية بالسكريات قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان. بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن النساء اللواتي يعانين من زيادة الوزن أو السمنة، خاصة بعد انقطاع الطمث، يكن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي. يُعتقد أن زيادة الدهون في الجسم قد تساهم في ارتفاع مستويات الإستروجين، مما يعزز نمو الخلايا السرطانية.

النشاط البدني

يعتبر النشاط البدني عاملًا هامًا في الوقاية من العديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي. النساء اللواتي يمارسن التمارين الرياضية بانتظام، سواء كانت تمارين هوائية أو تمارين تقوية، يكون لديهن خطر أقل للإصابة بسرطان الثدي. يمكن أن يساعد النشاط البدني في تقليل مستويات الهرمونات المرتبطة بتطور السرطان، مثل الإستروجين والبروجستيرون، وبالتالي تقليل احتمالية نمو الأورام.

تناول الكحول

تعد عادة شرب الكحول من العوامل التي يمكن أن ترفع من خطر الإصابة بسرطان الثدي. تشير الدراسات إلى أن النساء اللواتي يشربن كميات كبيرة من الكحول تكون لديهن احتمالية أعلى للإصابة بسرطان الثدي مقارنة بالنساء اللواتي لا يشربن الكحول أو يشربن كميات صغيرة. يُعتقد أن الكحول يزيد من مستويات الإستروجين في الجسم، مما يساهم في نمو الأورام السرطانية في الثدي.

العوامل العمرية

يعتبر العمر من أهم العوامل التي تؤثر في احتمالية الإصابة بسرطان الثدي. في الواقع، معظم حالات سرطان الثدي تُشخص في النساء فوق سن الأربعين. كلما تقدمت المرأة في العمر، زادت احتمالية الإصابة بالمرض، خاصة إذا كانت هناك عوامل وراثية أو بيئية أخرى تساهم في ذلك. وعلى الرغم من أن سرطان الثدي قد يصيب النساء في أي مرحلة عمرية، فإن النساء اللواتي يتجاوزن سن الخمسين وهن في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث يواجهن خطرًا أكبر.

عوامل أخرى

الرضاعة الطبيعية

على الرغم من أن الرضاعة الطبيعية تُعتبر واحدة من العوامل الوقائية المهمة ضد سرطان الثدي، إلا أن تأثيرها يختلف بين النساء. تشير بعض الدراسات إلى أن النساء اللاتي يرضعن أطفالهن لمدة أطول قد يكون لديهن خطر أقل للإصابة بسرطان الثدي. يُعتقد أن الرضاعة الطبيعية تساهم في تقليل مستويات الإستروجين في الجسم وتعمل على تقليل فرص تطور السرطان.

حبوب منع الحمل

استخدام حبوب منع الحمل قد يرتبط بشكل طفيف بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي. ولكن هذا التأثير غالبًا ما يكون مؤقتًا ويختفي بمجرد التوقف عن استخدامها. بالرغم من أن الدراسات أظهرت بعض الارتباطات بين حبوب منع الحمل وسرطان الثدي، إلا أن الأبحاث لم تُثبت بشكل قاطع أن هناك علاقة مباشرة بينهما.